سور الصين العظيم ( Great Wall of China )
واحد من أشهر الآثار العالمية وهو أشهر آثار الصين على الإطلاق ، وهو أطول سور يبنيه الإنسان حتى الآن ، ويمتد من قلعة (جيايوتيوان) بمقاطعة (قانسو) ( Gansu ) غرباً إلى قلعة (شانهايقوان) بمقاطعة (خبى) ( Hopeh ) شرقاً.
وقد كشفت دراسة أعدتها مصلحة الدولة للتراث الثقافى التابعة لوزارة الثقافة فى الصين بالتعاون مع مكتب الدولة للمسح ورسم الخرائط على مدى عامين أن سور الصين العظيم
أطول كثيرا مما كان يعتقد.
أطول كثيرا مما كان يعتقد.
وتوصل الباحثون إلى أن الجزء المتبقى من السور - الذى بنى إبان عهد أسرة مينغ التى حكمت الصين فى الفترة من العام 1368 حتى العام 1644- يبلغ طوله وحده 8851 كلم بزيادة قدرها 2551 كلم عما كان معروفا حتى الآن.
ووفق الدراسة يمر سور الصين العظيم بعشر مقاطعات وبلديات ومناطق ذات حكم ذاتى فى الشمال.
وربما ظهرت نتائج جديدة مع استمرار البحث والدراسة لاكتشاف خبايا وأسرار هذا البناء الضخم.
تاريخ بناء السور :
ويعود البناء الأول للسور إلى عصر الممالك السبع المتحاربة (770-221ق.م) التى ظهرت فى حوض النهر الأصفر ، حيث بنت دولة (تشو) (Chou) أول سور لصد غزوات قبائل البدو البربرية الشمالية ، وبعد ذلك بنت الدويلات الأخرى أسواراً أخرى مشابهة ، ومنها دويلات (يان) و(تشاو) و(تشين) (Ch’in) المجاورة للهون شمالاً والمعرضة لغزواتها ، فبنت كل منها سوراً على الحدود الشمالية ، وأرسلت القوات إليه.
وفى عام 221ق.م قضى (شي هوانغ دي) (Shih Huangdi) امبراطور دويلة (تشين) على الدويلات الست الأخرى ، وأسس أول امبراطورية موحدة مركزية السلطة فى تاريخ الصين ، ومن أجل حماية الحدود ومقاومة (الهون) ، أمر بتدعيم تلك الأسوار ووصل بعضها ببعض حتى أصبحت سوراً واحداً ، وتشير كتب التاريخ إلى أن أكثر من عشرين دويلة وأسرة قامت ببناء السور وترميمه ، وتجاوز السور الذى بنته أسرة (هان) (206ق.م -220م) (Han) والسور الذي بنته أسرة (مينغ) (1368-1644م) (Ming) خمسة آلاف كيلو متر.
حيث قامت أسرة (هان) باستكمال بناء السور المبنى فى عهد أسرة (تشين) إلى ممر (خوسي) غربى النهر الأصفر فى مقاطعة (قانسو) حتى وصل إلى منطقة (شينجيانغ) غرباً ، وأدى الجزء الجديد من السور دوراً كبيراً فى صيانة طريق الحرير المؤدى إلى بلدان غربى آسيا ، مما أثر بالإيجاب فى التجارة والتبادلات الثقافية بين الصين وبلدان أوربا وغربى آسيا.
وكانت أسرة (مينغ) آخر أسرة قامت بإكمال السور ، وفى عهدها ارتقت تقنية بناء الاستحكامات الدفاعية ووصلت إلى مرحلة متقدمة جداً ، وفى أكثر من 200 سنة من عهد هذه الأسرة ، لم تتوقف أعمال البناء والترميم فى السور، ومعظم الأجزاء الباقية منه تعود إلى هذه الفترة.
وقد تحسنت هندسة البناء فى السور باطراد ، بهدف صد الغزوات وهجمات الأعداء ، فبدا قوامه الأساسى سوراً عالياً يمتد أكثر من ستة آلاف كيلومتر ، ويربط بمئات الممرات والمداخل والشعاب وآلاف القلاع والأبراج التى كانت تقوم بالإنذار المبكر ، مما شكل ابتكاراً رائعاً فى تاريخ البناء القديم فى العالم ، وكانت أبراج المشاعل مراكز إشارة تستخدم لنقل الأخبار العسكرية ، موزعة على مسافات معينة من السور أو بجانبه فوق قمم الجبال ، وفى الأمكنة التى تسهل مشاهدتها ، فإذا جاء العدو انطلق من البرج الدخان فى النهار ، أو النار فى الليل ، وتبعته الأبراج الأخرى واحداً تلو الآخر لإيصال الخبر إلى العاصمة أو المعسكر الكبير ، وكانت هذه الأبراج (شبكة إنذار).
أما القلاع التى على السور فكان بعضها مؤلفاً من طابقين وبعضها من ثلاثة طوابق ، وكانت مخصصة لسكنى الجنود والحراس ولتخزين الأسلحة والذخائر، وقد قام بتصميم هذه القلاع المهندس (تشي جي قوانغ) الذى كان أحد القادة الكبار فى عهد أسرة (مينغ).
ويبلغ ارتفاع الأقسام الرئيسة فى السور بين سبعة وثمانية أمتار ، ويبلغ عرض قاعدته 6.5 متر ، وعرض سطحه 5.8 متر ، ويبدو قطاع السور كأنه شبه منحرف ، وفى الجوانب الداخلية للسور أبواب تؤدى إلى سطحه بسلالم داخلية ، وفى جانب السطح الداخلى سياج ارتفاعه متر ، وفى الجانب الخارجى يوجد جدار ارتفاعه نحو مترين فيه شرفات أو كوات للرماية ، وفتحات للمراقبة.
وفيما يزيد على ألفى سنة ، أدى سور الصين العظيم ، دوراً مهماً فى صد العدوان الخارجى ، وحماية التجارة والاقتصاد الوطنى.
أما الجانب الإنسانى من قصة السور ، فيرتبط بعدد لا يحصى من الناس الذين ضحّوا بدمائهم وعرقهم فى عملية بنائه.
وقد أصبح اليوم من أشهر المواقع السياحية فى العالم ، وإذا كانت الأهرامات رمز مصر القديمة ، فإن سور الصين العظيم هو رمز الصين ، وثمة مثل صين قديم يقول : (الذي لا يصعد سور الصين العظيم ليس من الرجال الأقوياء) ، لذلك يحرص زوار هذا البلد المترامى الأطراف والمتعدد المناخات والأقوام ، على صعود هذا السور، والتمتع بمناظره الخلابة وطبيعة عمارته التى شهدت مجموعة كبيرة من الأحداث التى مرت على الشعب الصينى.
ويمتد السور مثل تنين معقد تكتنفه الأسرار ، ومازال صامداً على مر الزمن ، ينتهى حيث يهوى فى البحر عند (شانهايقوان) في مقاطعة (خبي) ، وهو بذلك كما يقال عنه (بوابة الصين الأخيرة إلى البحر المنيع). وهو أعظم استحكام دفاعى فى الصين القديمة ، ومشهد عجيب فى تاريخ البناء العالمى ، مما حدا بمنظمة اليونسكو فى عام 1978م أن تعده من التراث العالمى الإنسانى ، الذى يجب الحفاظ عليه.
وبوصفه استحكاماً عسكرياً ، عظيم الشكل صعب البناء ، أطلق عليه إحدى عجائب الدنيا السبع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق